البيان الصحفي
قرّرت جامعة فرانثيسكو دي فيتّوريا في مدريد، وهي جامعة كاثوليكيّة تضمّ أكثر من 8000 طالب، أن تمنح كيكو أرغويّو، بادئ طريق الموعوظين الجديد بالاشتراك مع كارمن هيرنانديث، والربّان دايفيد روزين، المدير العالمي للشؤون الدينيّة في الجمعيّة الأمريكيّة اليهوديّة، الدكتوراه الفخريّة، لأجل مساهمتهما الكبيرة في الحوار العبريّ الكاثوليكيّ، داعمين بذلك التقارب التاريخيّ بين اليهود والمسيحيّين كما لم يحدث منذ عصور عديدة.
هذا الحدث يشكّل اعترافًا لا لِ كيكو وحده بل أيضًا لِ كارمن هيرنانديث بصفتيهما بادئا طريقٍ للتنشئة المسيحيّة قاد، خلال نصف قرن مضى، مئات آلاف الكاثوليك، من كلّ العالم، لكي يُعيدوا اكتشاف الجذور العبريّة للإيمان المسيحيّ. من هذا الاكتشاف المتجدّد نشأ حبّ كبير نحو إخوتنا الكبار وآباء الإيمان، ونحو الشعب العبريّ، ممّا دفع بحوالي مائة ربّان أورتوذوكسي للقيام بإعلان تاريخيّ عن المسيحيّة بكونها عهد الله مع الأمم. ولكي نفهم المعنى الحقيقي لهذا الحدث، علينا أن نسرد بعض الأحداث التاريخيّة التي سبقته.
في سنة 1964 تكوّنت جماعة في أكواخ بالوميراس ألتاس، في ضواحي مدريد، وكانت تضمّ الأكثر فقرًا بكلّ المعاني. كيكو، وهو الآتي من خبرة الفلسفة الوجوديّة، رأى في ألأم هؤلاء الأبرياء صورة لِ “خادم يهوه” الذي يصفه أشعيا قائلا: “أمامه نغطّي وجهنا”؛ من جهتها، ساهمت كارمن، التي اكتشفت من جديد قوّة السرّ الفصحي في حياتها، في أن تتجلّى قوّة القيامة العظيمة: في شخص يسوع المسيح يتحقّق ما ترجوه كلّ ليتورجيا يهوديّة، أي الانتصار على الموت. لقد أكّدت كارمن دائمًا على أنّ مركز التجديد الليتورجي واللاهوتي للمجمع الفاتيكاني الثاني هوفي إعادة اكتشاف السرّ الفصحيّ وفي العودة إلى الينابيع الأولى للمسيحيّة، أي لسرّ شعب إسرائيل. لذلك من الضروري قراءة الكتاب المقدّس، في عهديه القديم والجديد، على ضوء السرّ الفصحيّ، وفي الإطار التاريخيّ والجغرافيّ والليتورجيّ والأخلاقيّ لشعب إسرائيل القديم.
إنّ استعادة الإرث الروحيّ العبرانيّ في كلّ ما عمله يسوع، والدور الخلاصيّ والأخيريّ لشعب إسرائيل، إلى جانب الاختبار المذكور أعلاه، كلّ ذلك دفع إلى تكوين طريق ذي طابع موعوظيّ يهيّئ لاستقبال عطيّة الحياة الإلهيّة المجّانيّة التي تعبّر عنها عظة الجبل. في ذلك الوقت، دعا المطران كازيميرو مورسيّو كيكو وكارمن لحمل هذا الطريق إلى كلّ الرعايا.
من هذه البدايات الخفيّة انتشر هذا الطريق شيئًا فشيئًا في كلّ العالم، مساعدًا على استعادة المسيحيّة بكونها اختبار حياة في جماعة مسيحيّة؛ فهي ليست أخلاقيّات بل عطيّة تتحقّق في كلمة الله وفي الأسرار المقدّسة، التي تنقل الحياة الإلهيّة، التي هي “قلب من لحم”، تحقيقًا لكلّ مواعيد شعب إسرائيل.
في سنة 2010 ألّف كيكو سيمفونيّة عن ألم الأبرياء، وقد تمّ عرضها في سنة2011 في المركز العالميّ “دوموس غاليلي” (بيت الجليل)، على جبل التطويبات في الأراضي المقدّسة، أمام مجموعة من الأساقفة الأميركيّين وعدد كبير من الربّانيّين. كانت ردة فعلهم إيجابيّة إلى حدّ كبير، فرأى كيكو أنّه من المهمّ “أن يتمّ التعريف، “في نيويورك أيضًا، بهذا الحبّ الذي أعطانا إيّاه الله نحو الشعب العبرانيّ
في سنة 2012، تمّ عرض هذه الصلاة السيمفونيّة التكريميّة لألم الشعب العبريّ خلال المحرقة، ولألم كلّ بريء، في لِنكولين سنتر في نيويورك أمام 3000 يهوديّ وعدد من الكرادلة وعشرات الربّانيّين.
في تلك المناسبة، اعترف الربّان ييتز غرينبيرغ بالمسيحيّة، لا كعبادة وثنيّة، بل كتدخّل من العناية الإلهيّة لنقل معرفة التوراة إلى الوثنيّين: لقد مرّت أكثر من 3150 سنة منذ أن صنع القدّوس، المبارك، عهدًا مع شعب إسرائيل، وهو عهد فداء للعالم. وقد مرّت حوالي 2000 سنة منذ أن فتح إله الحبّ عهد الفداء هذا إلى الأمم الأخرى من خلال المسيحيّة. لقد انتظر الله 2000 سنة وترجّى بأن تعمل معا شعوب عهد الفداء.
هذا التصريح الثوريّ هيّأ اللقاء الذي تمّ في السنة التالية في أَوشفيتز، مع الكثير من الربّانيّين وعشرات الأساقفة وآلاف الأشخاص، حيث تمّ عرض السيمفونيّة أمامهم. افتتح كيكو اللقاء بهذه الكلمات: “دخلت إلى أحد الأكواخ الكبيرة في معسكر التعذيب في أَوشفيتز، وركعت؛ فتحت الكتاب القدّس ووقعت بالقرعة على هذا النص: “سأل أح الربّانيّين يسوع: “يا معلّم، ما هي الوصيّة الأولى في التوراة؟. فأجابه يسوع: إسمع يا إسرائيل، أَدوناي إِلوهينو، أدوناي إِحَد. الرب هو الواحد: ستحب الله من كلّ قلبك، وكلّ ذهنك، وكلّ قواك، وستحب قريبك كنفسك. فأجابه الربّان: حسنًا قلت، يا معلّم، أنّ محبّة الله من كلّ القلب ومحبّة القريب كالنفس هي أولى الوصايا كلّها وأعظمها”. وعندما قال الربّان ذلك، أجابه يسوع: “أنت لست بعيدًا عن ملكوت الله”. إذًا، لكم جميعًا، أيّها الربّانيّون، الموجودون هنا في أَوشفيتز وتحبّون الشماع: لستم بعيدين عن ملكوت الله”.
في سنة 2015، ونزولا عند رغبة العديد من الربّانيّين، وكمبينهم روزينباوم من نيو يورك، روزين من الربّانيّة الأعلى في الأراضي المقدّسة، وغرينبيرغ، تمّ تنظيم لقاء، في دوموس غاليلي، بين الربّانيّين والأساقفة والمبشّرين المتجوّلين. قال روزين ،متوجّها إلى إخوة طريق الموعوظين الجديد الحاضرين، إنّه قد شعر في حدسه ،من خلال تلك الموسيقى، “بأنّكم تشعرون بما يجعلنا نتألّم”.
وقد عبّر الربّان برودمان، وهو متأثّر، بأنّ لقاء الشركة والحبّ هذا بين ربّانيّين ومسيحيّين يرنّمون الشِماع معًا، هو علامة على أنّ المسيح سيأتي قريبًا: “يقول لنا الكتاب المقدّس بأنّ المسيح سيأتي قريبًا، وسيكون العالم مليئًا بمعرفة القدير. وأنا أقول لكم: شكرًا، شكرًا! عبرانيّون ومسيحيّون نخدم القدير معًا، القدير نفسه؛ لدينا أشياء مشتركة أكثر من الاختلافات. علينا أن نُعلن من على السطوح أنّ المسيح آتٍ. عندما أقول بأنّني ألتقي مع مسيحيّين، يقول لي الكثيرون: “هل أنت مجنون؟”. ولكن على الجميع أن يعلموا بأنّ هذا يحدث لكي نكون مستعدّين لمجيء المسيح”.
في تلك المناسبة، قال كيكو: “توجد هنا نقطة استفهام، أي أن شيئًا جديدًا يحدث. قرب مجيء المسيح؟ نحن نعتقد أنّ المجمع يسند الكنيسة. هو الزيتونة الأصيلة، ونحن قد طُعّمنا عليها. العبرانيّون هم الشعب المُختار، لديهم العهد، الوعود، التوراة، إلخ. يقول القدّيس بولس أن الله، بعد أن أعطى كلّ شيء لشعبه ،بينما لم يكن للأمم (غوييم) إلاّ الخطيئة والحقد والحرب، يريد الآن أن يوصل هذه التوراة إل ال غوييم. لقد رسم المجمع الفاتيكاني خطًّا جديدًا في العلاقة بين الشعب العبريّ والكنيسة الكاثوليكيّة، ولكن من الضروري أن نحقّق المجمع عمليًّا، لأنّ الكثير من الناس لم يفهموه، وقليلون هم الذين يعرفون وثيقة “نوسترا إِيتاتي”. في هذه المعركة، وفي هذا الظرف التاريخيّ الذي نوجد فيه، أعتقد بأنّنا نحتاج إلى أن نتساعد، مسيحيّين وعبرانيّين، وأن نوثّق روابطنا بشكل عميق، لكي نحقّق إرادة الله، فنخلّص هذا المجتمع ونفتديه”.
في سنة 2017، طلب الربّانيّون بأن يجتمعوا مجدّدًا في دوموس غاليلي، وقد وقّع مئات منهم على هذا الإعلان الرسميّ: “بعد حوالي ألفَي سنة من العداء المتبادل والتباعد، نحن الربّانيين الأرثوذكس الذين يقودون جماعات، ومؤسسات، وإكليريكيّات في الأراضي المقدّسة، والولايات المتّحدة، وفي أوروبا، نعترف بهذه الفرصة التاريخيّة المُتاحة أمامنا…ونعترف بأنّ المسيحيّة ليست لا حادثًا مؤسِفا ولا خطأً، بل الغاية التي أرادها الله، وعطيّة للأمم… لم نعد أعداء، بل شركاء لأجل استمراريّة بقاء البشريّة وخلاصها… حدّ> الله للمسيحيّن والعبرانيّين بأن يكونوا شركاء محبّين بعضهم بعضًا”.
اليوم يتمّ الاعتراف بقصّة إعادة الاكتشاف المتبادل، بين هذَين الممثلَين لشعبَي العهد،