«يا يسوعي، اِحمِلني إلى قداستِكَ»؛ «أنتَ تَحملُني إلى القداسة»

(«يَوميّات، 1979-1981»، رقم 85 و199)

في اليومِ 4 كانون الأوّل/ ديسمبر 2022، تَـمّ في مدريد حدث له وَزنٌ ومَعنًى مُـتـمـيِّـزَين بالنّـسبة للكنيسة جَمعاء: افتتاحُ المرحلة الإبَـرشيّة لِإجراءات إعلان تَطويب وتقديس كارمِن هِـرنَـنـديث بَـرّيـرا، البادئة المُشارِكة مع كيكو لـهذه المسيرة الخاصّة بِالتَّنشِئة المسيحيّة الّتي تُـسمَّـى طريقَ الموعوظين الجديد.


افتتاح الدعوى

في الصَّـرحِ المَـهيب الذي لِجامعة فـرَنسِـسكو دي ڤـيـتوريا في مدريد، وبِحضور الكَردينال كَـرلوس أوسورو، وكَردينالَين آخَرَين، و41 أُسـقُـفـًا، وما لا يَـقِـلّ عن ألـفَـيْ شخصٍ آخَرين من مُختلَـفِ البِلاد الأورُپّـيّـة والعالميّة – إذْ أنّ الرّسالة التي قام بها كـلٌّ مِن كارمِن وكيكو تَـشمَل 135 بلدًا من القارّاتِ الخَمسة، وقد الْتـمـسَ العديدُ منها إمكانيّةَ المُشارَكة في هذا الافتتاحِ الجَليل -، تَـمَّ الفِـعـلُ الرّسميّ لِإبَـرشيّة مدريد.

لقد تَـمَّ في أربعة أوقات: أوّلًا بِـتَـحيّة وكلمات تَقديم مِن كيكو، مع صلاةٍ وقراءة من الإنجيل (مر 9/ 2-8)، هي مقطع تَجلّي الرّبّ، وهو إحدى صفحاتِ الإنجيل العزيزة لِلغاية على كارمِن؛ ثمَّ جلسةُ افتتاحِ القضيّة، مع قراءة «خِطاب الالْـتماس» (Supplex libellus)، أيِ الطَّلبِ الذي يُقـدّمُه مُـلـتَـمِـسُ القضية، بِاسمِ الفَريقِ العالمي لِلطّريق، إلى الإبَـرشيّة لأجل أن تَـشرَع في إجراءات هذه القضيّة؛ ثـمّ قراءةُ الـ«عَـدَم المُمانَعة» (Nihil obstat) بالنّسبة لِـبَـدءِ الإجراءات، مِن قِبَل دائرةِ الكُرسي الرّسولي الخاصّة بِـقَـضايا القديسين، يَليها استدعاءُ الروحِ القُدس لكي يُرافق كلَّ ذلك العمل، فَالـقَـسَـم مِن قِـبَـل رئيسِ أساقفة مدريد مع قَـبولِهِ الالتماسَ الذي تَـمَّ التَّعبير عنه، فَـتَعيـيـن أفرادِ المَحكمة الإبَرشيّة لِـيَـتـَـولَّوا جميعَ الإجراءات. واحدًا فواحدًا: المَندوبُ الأُسقُفي، ومُحرِّكُ الـدَّعوَى (promotor de justicia)، وكاتبةُ العَدل (ومُعاوِنتُها)، وطالبُ الدَّعوَى، أَدَّوا القَـسَـم؛ واختُـتِـمَ هذا الوَقت بِقراءةِ المُستشار/أمينِ السّـرّ لِـ«وَقائع الجَلسة»، وكلمة الكَـردينال أوزورو.

في الوقتِ الثالث لِـ«الحدث»، قدّمَتِ الفِرقة الموسيقيّة السِّـمفونيّة الخاصّة بطريقِ الموعوظين الجديد مَقطوعتَين هُما قصيدتان سِـمفونيّتان قام كيكو بِتألـيـفِـهِـما: «عاقِـدا» و«بَنات أورَشَليم». المَقطوعة الأولى «عاقِـدا» تُحضِر لنا الـذَّبيحة التي دُعِـيَ إبراهيم لِلقيام بها، على جبل مورِيّا، ذبيحةَ ابنِهِ إسحَق، بينما هذا يُقدِّم له عُـنُـقَـه طَوعًا منه لكي لا تَصيرَ الذّبيحةُ باطلة: وهكذا يَـظـهَـرُ الإيمان على الأرض. المَقطوعة الثانية «بَنات أورَشَليم» هي لحظةُ التقاء يسوع – المُـحَـمَّـل بِالصّليب – بِـبعضِ النِّـساء اللَّواتي يَبكينَ عليه؛ فيَقول لهُـنَّ الرّبّ: «يا بَنات أورَشَليم، لا تَـبكينَ عليَّ، بلِ ابـكينَ على أبنائِكُنَّ وبناتِكُنَّ…، فإنْ كانوا هكذا يَعمَلون بِالعودِ الأخضر، فبِاليابس ماذا يَـكونُ؟» (لو 23/ 28 و 31). هاتان قصيدتان مَليئَتان بالمَشاعر الدّراميّة وبِالتَّـوتُّر الموسيقي.

أخيرًا، بِكلماتٍ وَجيزة وبِـتَـحيّة رئيسِ أساقفة مدريد، اختُـتِـمَ «الحدث».


تحيَّة كيكو

نرى من المُهمِّ أن نُورِد هنا نَصَّ التَحيَّة التى وَجَّهها كيكو إلى الحاضرين في بدايةِ اللقاء: فَبعد التَّحيَّة إلى الكَـرادلة والأساقفة الحاضرين، والقاماتِ الأكاديمية، وإلى رئيسات رَهبنة ‹مُرسَلات المسيح يسوع› – وهي التي انتمت إليها كارمن لمدة ٨ سنوات- وإلى جميع الحاضرين (من مُبشِّرين مُتجوِّلين، ورؤساء إكليريكيَّات أمِّ الفادي، وإخوة جماعات طريقِ الموعوظينَ الجديد التي أسَّسها كيكو وكارمن منذ أكثر من ٥٠ عامًا)، قد قـرأ كيكو الخطابَ المُرسَل لهذه المُناسَبة من قِبَـلِ الكَردينال فارِّل، رئيس الدائرة الڤـاتيكانيّة لِلعلمانيين والعائلة والحياة، وعلَّق على افتتاح دعوَى تطويب كارمن بالكلماتِ التالية:نرى من المُهمِّ أن نُورِد هنا نَصَّ التَحيَّة التى وَجَّهها كيكو إلى الحاضرين في بدايةِ اللقاء: فَبعد التَّحيَّة إلى الكَـرادلة والأساقفة الحاضرين، والقاماتِ الأكاديمية، وإلى رئيسات رَهبنة ‹مُرسَلات المسيح يسوع› – وهي التي انتمت إليها كارمن لمدة ٨ سنوات- وإلى جميع الحاضرين (من مُبشِّرين مُتجوِّلين، ورؤساء إكليريكيَّات أمِّ الفادي، وإخوة جماعات طريقِ الموعوظينَ الجديد التي أسَّسها كيكو وكارمن منذ أكثر من ٥٠ عامًا)، قد قـرأ كيكو الخطابَ المُرسَل لهذه

أنا شخصيًّا، سعيدٌ جدًّا لوصول هذا اليوم الذي تبدأ فيه الكنيسةُ المرحلة الإبَـرشيَّة لِدَعوى تطويب وإعلان قداسة كارمِن هِـرنَـنديس. أشكرُ سيادةَ الكَردينال، كارلُس أُوسورو، رئيس أساقفة مدريد، على البدء في التَّحرِّي عن حياة كارمِن، وعن فضائلِها، وعن سُمعة قداستِها.

لقد جَمعَنا الله، كارمِن وأنا، طَوال ٥٠ عامًا، في رسالةِ تبشيرٍ رائعة – بدأت في إبَـرشية مدريد هذه – كثمرةٍ للمَجمع.

إنني أشعر بأنَّ افتتاحَ الدّعوة – بالتحديد في هذا العام الذي يُحتَـفل فيه بالذِّكرى ال ٦٠ لافتتاح المجمع الڤـاتيكاني الثاني – لَهو من قِـبَل العِـناية الإلهية؛ لأنَّ كارمِن أعطت حياتها لكي تَحمِلَ المجمع إلى الرَّعيَّات من خلال تنشئةٍ مسيحيّة وُضِعت في خدمةِ الأساقفة واسمُها طريقَ الموعوظين الجديد.

مِن المُدهِش رؤية هذا التاريخ مع الأحداث والأشخاص؛ إنه عملٌ لم يَتحقّـق فوق مائدة عملٍ بل بِفعلِ الروحِ القدس. إنّ ما يُـعَـدُّ كتابةً في المَجمعِ الڤـاتيكاني الثاني، كنّا نحن نَراه يَتحقَّـق مع الفقراء في أكواخ پـالوميراس بِـفِعلِ الروحِ الروحِ القدس. لقد رأينا هناك ظهورَ الربِّ خالـقًا المغفرة، والحب، والشَّركة، أيِ الجماعة المسيحيّة! كارمن، وأنا كذلك، كُنَّا شاهِدَين على حضورِ الله في عملِ التَّبشير، وشاهِدَين على عملِ الله في في كنيسةِ المجمع الڤـاتيكاني الثاني. لم تكن لدينا خُططٌ ولا أفكارٌ مُسبَـقة. خلال أكثر من ٥٠ عامًا استطعنا أن نُعطي شَهادةً على أنَّ اللهَ حيٌّ في كنيستِه.

كارمن هيرنانديث وكيكو أرغويّو

إن كارمِن التي كانت تَـتَّـبع خُطَى القديس فـرَنسِـسكو كْـسافيـرُس، والذي احتفلنا بِعيدِه أمس، لم تفكِّر أبدًا في البقاء في إسپـانيا، إذْ أنَّ ذلك كان سَيَعني فَـشَـلَ مَثلِها الأعلى الإرساليَ. لكنَّ الله أراد أن نَـتـقابل. في پالوميراس أَلتَس في مدريد. لقد تعرَّفنا على بعضِنا البعض عامَ ١٩٦٤، عند عودتها من سَفرِها التاريخيِّ إلى الأراضي المقدَّسة. كُنتُ أنا قد ذهبتُ لِلعَيش في كوخٍ مع الفقراء في پالوميراس.

هناك تَعرَّفَـت كارمن على جماعةِ الإخوة الذين كانوا يجتمعون في كوخي، فتأثَّـرَت للغاية من استجابتِهِم لِكلمةِ الله؛ وقرَّرتِ البقاء والعَيشَ معنا، فبَنَينا لها كوخًا.

لقد رَأت كارمِن حضورَ يسوعَ المسيح، الذي يأتي لِيُخلِّصَ الخطأة ولِيُحقِّق سرَّ الفِصح، وليَخلُقَ الشركة حيث يَستحيل تحقيقُها: كان يسوع يُعطي ذاتَه كَحبٍّ مجَّانيٍّ لأجل كلِّ إنسان.

إنَّ كلَّ ما سمح به الله، وَتواجُدَها في پالوميراس، كان بمَثابة أرضٍ مُـهَـيَّـأةٍ للزراعة كان الله قد أعدَّها لكي يَضعَها داخلَ الكنيسة. إنَّ ما جَعلَنا اللهُ نَختبرُه في وسط عالمٍ فقير، كان الروحُ القدس قد أعَدَّه لأجلِ كنيستِه.

حضور رئيس أساقفة مدريد إلى الأكواخ، الذي كان بتدبيرٍ من العناية الإلهية، هو الذي جعل كارمِن تتعاون بصفةٍ نهائِيّةٍ معي. لولا سيادةُ المطران كازيميرو مُرسِيّـو لَما ذهبنا نحن إلى الرَّعِيّات. وقد كان هو أيضًا مَن فتح لنا الأبواب في إيطاليا. لقد رأَت كارمِن في رئيسِ الأساقفة حضورَ الكنيسة وغَـيَّـرَت تمامًا تَصَرُّفَها معي. لقد رأت في حضور مُرسِيّـو تحقيقَ الوعدِ الذي كان الله قد وعدَها به في إسرائيل.

حين كانت كارمِن في إسرائيل، كانت تَتساءل مَرّات عديدة عن رسالتِها في الكنيسة، وكانت تُفَكِّر أنّه قد يتعيَّن عليها أن تؤسِّسَ رَهبـنـةً إرسالِيّة. في عَين كارم حَصلَت على اليَـقينِ المُطلَق – كما في رؤيا – مِن أنَّ الله يريد منها شيئًا لأجل الكنيسة الجامعة، وأنَّ الأمر لا يتعلّق بتأسيس رَهبـنـةٍ.

إنَّني أحكي لكم ذلك كي تـرَوا كيف أنَّ التعاونَ فيما بيني وبين كارمِن هو سِـرٌّ كبير من قِبَلِ الرَّبِّ.

إنَّ قَـبول كارمِن كان صعبًا جِدًّا بالنسبة لي، إلى أن قال لي الرَّبُّ داخلِيًّا إنَّ كارمِن هي نِعمة عظيمة جِدًّا، أيْ أن يكون شخصًا بجانبي يقول لي الحقيقة باستمرار، وإنَّ الرَّبَّ قد جاء بها ولها رسالةٌ. حينئذٍ قَبِلتُ كارمِن في الإيمان، كَمُرسَلةٍ مِن قِبَلِ الله. لقد تألّمتُ إلى أن أدرَكتُ أنّها تأتي مِنَ الله، ومنذ ذلك اليوم، صارت نعمةً من أجلي.

لقد كانت كارمِن رائعة! اِمرأةٌ غيرَ عادية، صنعَت خيرًا كثيرًا، لا لإخوة طريقِ الموعوظينَ الجديد فقط، بل للكنيسة جَمعاء.

كارمِن، يا لَـلمَرأة الرائعة! كان لدَيها عبقريّة أُستاذيّة في الحُرِّيّة وفي حُبِّ الكنيسة. لم تَـتملَّـقْـني أبدًا، قالت لي الحقيقة دائمًا. كانت قادرةً على أن تقف ورائي؛ دائمًا إلى جِواري، كي تُساعدَني. لم تَـبحث أبدًا عن المُستوى الأوّل، ولم تبحث أبدًا عن دورِ البُطولة. كان لديها وعيٌ واضحٌ بأنَّ الرسالة التي أوكلَها الله إليها هي أن تُسانِدَني، وأن تُدافعَ عني وأن تُصَحِّحَني، لأجل خيرِ طريقِ الموعوظينَ الجديد.

حُبًّا في الكنيسة وفي الإخوة، ظَلَّت كارمن إلى جِواري 52 عامًا، بالرَّغم من أنَّ ذلك كان أحيانًا صعبًا عليها؛ لكنَّ كارمن كان يُهِمُّها فقط أن تعمل مشيئةَ الله، وقد رأت أنّها تتمَثَّـلُ في البَـقاء معي في هذه التَّـنشئة المسيحيّة التي هي طريقُ الموعوظينَ الجديد.

إنّها امرأةٌ استثنائِيّة، حَقًّا، ذات سَخاءٍ عظيم؛ لقد أنكرَت نفسَها لكي تجعلَـني أنا أظهَر، بالرغم من ملاحظاتها الإصلاحيّة تجاهي، لكنّها كانت دائمًا في الخَـلف، تُساندُني.

إنّها مِثالٌ للكَــرَم، وللصراحة، وللتَّكَلُّم بِحُرِّيّةٍ مع الجميع، فقد كانت تقولُ الحقيقة لإخوةِ الجماعات. وعندما كان أخٌ يبتعد، كانت تدعوه وتبحث عنه كما عن الخروفِ الضال، بِحُبٍّ.

لقد كانت امرأةً غيرَ عادية، نَبِيّةً حقيقيّة، ومُرسَلةً حقيقيّة، عاشت الإيمانَ بدرجةٍ بطوليّة. اِمرأةٌ استثنائيّة! مُهِمّةٌ جِدًّا للكنيسة، دائمًا في صلاة، مُغرمةٌ بالمسيح، وبالكتاب المقدس، وبالفِصح؛ وكان لديها حُبٌّ غيرُ مشروطٍ للبابا وللكنيسة.

إنّنا معًا، نحنُ الاثـنَـين، بادِئان لِـمَوهبةٍ، لِعملٍ عجيبٍ من الرَّبِّ لأجل مُساعدة كنيستِه. إنَّ كلماتِ البابا فرنسيس في الاحتفال بمرور 50 عامًا على بَـدء طريقِ الموعوظينَ الجديد، عام 2018، حين قال في تور ڤِـرغاتا: «أنتم عطيّةٌ من الروحِ القدس لأجلِ الكنيسة»، تؤكِّدُ الاشتياقَ الأكبر الذي كانت كارمِن تَـرغبُه بِالأكثر: أن يُـرَى أنَّ مَن يعمل في الطريق (طريقِ الموعوظين الجديد) إنّما هو الله، وأنَّ ذلك هو من عملِ الروحِ القدس في الكنيسة، وأنَّ الله هو بنفسِه الذي دعانا لكي نكونَ بادئَـيـن لهذا العمل.

في المُقابلة الأخيرة التي تَـفضَّلَ بها البابا فرنسيس علينا، نحن الفريقَ الدُّوَلِيّ للطريق، أَعرب لنا فيها عن فرحِهِ لِبَدءِ هذه القضيّة.

إنَّني أتمنَّى أن تبدأَ الكنيسة، في دعوى إعلانِ القداسة هذه، في التَّـحَـرِّي عن حياتِها، وهي حياةٌ كانت في كثيرٍ من الأحيان حياةً مصلوبة وصامتة ومُتألِّمة، كما في ليلةٍ مُظلِمةٍ؛ كما أَرغب في أن تَـظهر لِـلنور فَضائلُها، فالكثير منها كان مُـخـتَـفِـيًا، والكثير منها بدرجةٍ بُطولِيّة. عَسَى الكنيسة أن تُـمَـيِّـزَ فيما يتعلّقُ بذلك.

إنّني أشكرُ الله لأنّني عَرَفتُها، ولأنّني استطعتُ أن أعملَ معها في «أَتعابِ الإنجيلِ الشّاقّـة»! كما يقولُ القديس بولس.

كارمِن! يا لها منِ امرأة عظيمة، ذات إيمانٍ استثنائِيّ! كم كان حُبُّها للمسيح وللكنيسة عظيمًا!

شكرًا.

الآن سنستمع إلى الإنجيل.

في هذا المساء، نرغب في استحضار مقطعٍ من الإنجيل كان يؤَثِّر في كارمِن بِعُمقٍ: التَّجَلّي، الذي هو المَصيرُ الرائع والمدهش لتاريخِ الإنسان، والذي حقّـقَـتْـه بالفِعل العذراءُ مريم، التي هي ليست فقط صورةً للكنيسة بل لِكُلِّ الإنسانيّة أيضًا.

سوف يَـرفعُ التَّجَـلِّي هذا الإنسان، الذي اتَّخَذَه يسوعُ المسيح لِذاتِهِ، إلى التَّــألُّـهِ التامّ. إنَّه تعظيمٌ لِمَجدِ السّماء، لِـلصعود؛ ويمكن اختبارُ ذلك هنا، لأنّنا، المسيحيّين بالعماد، نَـتحـوُّل يومًا فيومًا؛ ومع أنَّ هذا الجسد يَـنـحَـلّ، فنحن نَـتحـوُّل شيئًا فـشيئًا ليَتجلَّى فينا وجهُ يسوعَ المسيح. هذا هو الإيمانُ المسيحيّ الذي يُنيرُ التاريخ، ولِمستقبلِ الإنسانيّة: التَّـجَــلِّـي.

إعلان الإنجيل مَرقس9/ 2-8 .


قداسة كارمِن اليوم

Fotografia archimadrid.es – Luis Millán

التَّحـدُّث عن «القداسة» في عالمِ اليوم – بما في ذلك داخلَ الكنيسة ذاتِها أيضًا – يُمكن أن يبدو أمرًا قليلَ الأهميّة، يَخصُّ الشَّخص بِطريقة فَرديّة، لا علاقة له بالمشاكلِ الحقيقيّة… ولكنْ هل الأمرُ حقًّا هكذا؟

إنَّ القداسة، قَبل أن تكون أمرًا يَخُصُّنا، هي صرخةُ الله المُولَـعة: «كونوا قديسين، لأنَّني، أنا الرَّبَّ إلهَـكم، أنا قدوس» (أحبار 12/ 9)، «… مثلَ القدوس الذي قد دعاكم، كونوا أنتم أيضًا قديسين… لأنَّه مكتوبٌ: ‹كونوا قديسين لأنّني قدوس›» (1 بطرس 1/ 16). التَّحَدُّث عنِ القداسة، لِمَن يؤمن، هو جَعلُ القدوس، الله، موجودًا، وجعلُ عملِه موجودًا، مع مجدِه الذي يَسعى إلى حياةِ الإنسان ويُـريدُها: «إنَّ مجدَ الله هو الإنسانُ الحَـيّ»، كما يُعلِـنُ القديس إيريناوُس .

والتَّحَدُّث عن قداسة كارمِن هو قبل كُلِّ شيءٍ استحضارُ عملِ الله فيها، والتَّحـدُّث عَمّا كان يَعنيه تاريخُها وحياتُها وما ميَّـزَهما: مِنَ المُدهش فَـتحُ «يوميّاتُها» واقتفاء أثر أفكارِها وآلامِها وصلاتِها وروحِـها:

عامَ 1979، في اليومِ الذي أعلن فيه البابا القديس يوحنا بولُس الثاني عن تطويبِ قِـدِّيسَـيـن، كتبَت في يوميّاتِها:

«فـقـيـرةً وبِلا شيءٍ، تأتيني الرغبة الحميمة لِحضورِكَ الفريد. القداسة، يا رب، رغباتٌ مَـخفيّة لِـلقداسة، ولِلتضحية، ولِأن أملأ يومي بِـحُـضورِك. صلاة. يا رب، تعالَ أنتَ، لتملأ الخيرَ والأشياء بالمَعنى، …» (يوميّات، 1979-1981، 77، 29 أبريل/ نيسان 1979).

«يا يسوع، يا حجــرَ الزاوية، يا حياةً ثابتة مَبنِيّة على الصليب. تعالَ، يا يسوع، أنِّر بوجهِك على حياتي. ساعِـدني لأسنِـدَ وجودي عليكَ. يا يسوعي، اِحملني إلى الصلاة، إلى قداستِـك، يا مُعتَصَمي، يا حياتي. تعالَ أيُّها الرُّوحُ الأقدس، اِرأف بي أنا الفقيرة» (يوميّات، 1979-1981، 85، 8 مايو/ أيار 1979).

القداسة بالنسبة لكارمِن هي قبل كلِّ شيءٍ إعلانُ إيمانٍ بيسوع الذي تُـحِبُّه: «فائقُ العُـذوبة، قدوس، عظيم» (يوميّات، 1979-1981، 780، 15 ديسمبر/ كانون الأول 1981)؛ بِـأمانتِه: «… أثِـقُ في حُــبِّـكَ، أنتَ أمينٌ وقدّوس، مُباركٌ أنتَ، يا يسوع، لِيَـصِـل حنانُـكَ إليَّ فأحيا»[1]؛ 366. «لا تَـدَع قَـدمايَ تَـزِلّان. دافِع عنّي، أنتَ، يا أمين، يا قدّوس، يا يسوعي» (يوميّات، 1979-1981، 366، 4 سبتمبر/ أيلول 1980)؛ في تركِ نَـفسِه لِـيُصلَب بِحُبٍّ: «أنتَ قدوس، لانهائيّ، عَـذبٌ لِلغاية. ولقد صُلِبتَ حُبًّا بي» (يوميّات، 1979-1981، 231، 1 أبريل/ نيسان 1980). كارمن تبحث بِشَغفٍ: «يا يسوعي، قدوسٌ وحدَك، فريدٌ، أين أنتَ؟» (يوميّات، 1979-1981، 267، 15 مايو / أيار 1980)؛ تَـشعر به حَقًّا كَـبِـمُحَرِّرِها: «أنتَ، المُحَرِّر، القدوس، الرائع، نورٌ، حياة، قيامةُ الأموات، بارٌّ ومصلوب» (يوميّات، 1979-1981، 187، 16 فبراير/ شباط 1980)؛ هو الذي باسمِهِ تُحارِب كُلَّ المعارك: «باسمِك، يا يسوع، يا يسوع، أواجه كُلَّ المعارك. أنتَ كائن. اسمُكَ القدوس. تعالَ يا يسوع» (يوميّات 1979-1981، 299، 23 يونيو/ حزيران 1980).

[1]  وثائق خاصّة بِكارمِن هِـرنَـنـديس، مُجلَّـد 32، مُـدوَّنة 21/10/1970 .

هذه هي القداسة التي تُـفتَـتَحُ اليومَ قَـضِيَّـتُـها في إبَـرشيّة مدريد، في شخصِ رئيسِ أساقفتِها، الكَـردينال كَـرلوس أوسورو، مع تسمية هيئةٍ إبَـرشيّةٍ لِلتَّـحكيم سوف تتناولُها، وسوف تُوَثِّقُ لها بشُهودٍ ووثائق، سوف تُرسَل فيما بعد إلى روما من أجلِ البَـيانِ الرَّسمِيّ، عندما يُـصبِح كُلُّ شيءٍ جاهزًا.


بعضُ البيانات عن طريقِ الموعوظينَ الجديد:

عددُ الجماعات:   ٢١٠٦٦

عددُ الإبَـرشيات: ١٣٦٦

عددُ الرَّعايا ٦٢٩٣

الدُّول: ١٣٥

عدد إكليريكيّات أمِّ الفادي ١٢١

عددُ الإكليريكيَّين في إكليريكيّات أمِّ الفادي: ١٩٠٠

عددُ الكهنة المكوّنين إكليريكيّات أمِّ الفادي: ٢٩٥٠

عددُ العائلات في الرسالة: أكثر من ٢٠٠٠ مع حوالي ٦٥٠٠ ابنٍ،

١٠٠٠ عائلةٍ تقوم بالتبشير في ٢١٢ ‹ رسالة إلى الأمم› في ٦٢ دولة، مع كاهنٍ وبعضِ الأخوات.

٨٠٠ عائلة تتواجد في مختلَـفِ البلاد لكي تُــقـوِّي الجماعاتِ المحليِّة، ساندةً إيَّاها في طريق إيمانِها.

أكثر من ٣٠٠ عائلة تُكَوِّن مع كاهنٍ  وأحدِ الشباب فريقًا للتبشير مسؤولًا عن دولةٍ أو عن منطقةٍ ما.


[1]  القديس إيريناوُس، ضـدّ الهَـرطقات، 4، 20، 7 .

[1]  وثائق خاصّة بِكارمِن هِـرنَـنـديس، مُجلَّـد 32، مُـدوَّنة 21/10/1970 .

Share: